بعد الزوال وفي هذه الأيام بالتحديد يلوح زول الغبار على مرتفعات الباحة وربما غير الباحة , ويبدأ رويدا رويدا في التغلغل بين الأشجار وأكمام الجبال والآكام حتى يغطي كل الأرجاء مع غروب الشفق تقريبا , فيربض هنا حتى يلوح الغسق فيبدأ بالتلاشي حتى يأفل زوله معاوداً في اليوم التالي حضوره المزكم . ليست المشكلة الآن في حضور هذا الضيف الثقيل وأفوله كل اليوم فهذه سُنة كونية تأخذ مجراها كل حين بإذن ربها , ولكن المشكلة فينا نحن . كيف ؟
نحن نتواجد في طريق الغبار وفي مسالكه ومجاريه , وهو يمر علينا رائحا وغاد يجللنا بذراته الخفيفة وكأنما نحن جزءاً من لواقحه فلا نتحرك من مقاعدنا في الحدائق والمتنزهات ولسان حالنا يقول : يا جبل ما يهزك ريح .
الزمان والمكان والحدث هنا يرسمون علامة تأثر وتعجب واندهاش من حال الآباء والأمهات الذين يتمددون فوق حصرهم يرتشفون أقداح الشاي والقهوة ويتناولون ما لذ وطاب وأطفالهم ينتشرون أمامهم في الألعاب ويمارسون كل صنوف الترفيه وسط ذرات التراب ؛ عجبا أليس هذا هو ذات الغبار الذي يعلق الدراسة ويعطل المصالح الحكومية أوقات الدوام ؟ أم أن غبار الإجازات له نكهة أخرى ونفس مختلف ؟ بلى , هو ذات الغبار الذي نعلق به الدراسة وذات النكهة في الاجازة أو في غيرها لكن ما هو مختلف هنا هو الأشخاص وليس الغبار . فاصلة : عندما يريد شخص أن يتهرب من عمل ما سيبحث عن ألف حيلة وحيلة حتى لا يعمل , والعكس صحيح … أرفع قبعتي احتراما للشعوب الحية .